ONline

الأحد، 14 يوليو 2013

طريق إجبارى !



" بُص يابنى .. سنتين الثانويه دول أحسن أربع سنين فى حياتى " ، هكذا بدأت أستقبل بعض المعلومات عما يسمى الثانويه العامّه ، فقد ساعدتنى ذاكرتى السمكيه على غير المعتاد على تذكُر ما قد قيل لى عن هذه المرحله وأنا على وشك القفز بداخلها ، فكما علمت من السابقين أن هذه المرحله عباره عن ( سنتين دراسيتين " على الأقل " ، طوال جداً ، بنطيّن الدنيا فى أول سنه قبل ما نعوّض فى السنه التانيه ، مش صعبه دراسياً قد ماهى صعبه كضغط نفسى ، تصبح بداخلها انسان روتينى مُمل ، بتجيلك أفكار انك تبقا عايز تجرب كل حاجه فى حياتك فى السنتين دول ، وتنهى هذه المرحله بـ " هو كان بيكلمنى فى ايه ؟! " ) .
وسط تحمُس شديد وترقب عائلى واضح تضع أولى خُطواتك بنيّه طيبه داخل طريق لا تعرف كيف ستكون نهايته ، ولكنك تقرر الخوض فيه بروح معنويه عاليه ، كاتماً كُل الأفواه المُشككه فى قدرتك على عبور هذا الطريق الى آخره بنجاح غير مسبوق ، مع دافع معنوى بمقوله ستتأكد فيما بعد أنها كانت مجرّد اشتغاله " اتعب فى السنتين دول عشان ترتاح فى باقيه حياتك " .

فتبدأ بتنظيم وقتك تمهيداً لبدايه الدراسه بجدول زمنى بسيط يبين مواعيد الدروس الخصوصيه متجاهلاً المدرسه نفسها ، موضحاً لمواعيد المُذاكره غير مُبالياً بقضاء أوقات الفراغ التى لم يشهدها جدولك ، مع عزم شديد ونيّه مُبيته على قتل الهوايات ، جدول مُبسّط يتكون من ثلاثين يوماً قابل للتجديد عند انتهاءه بشرط موافقه كل من يُدخَل عليه التعديل من مواد وأوقات فراغ ودروس ومُذاكره .

قد مرّ الشهر مرور فيلاً قد أُصيب بالشلل قبل حضور تاليه بمرورٍ أقل سرعهً من سابقهِ ، وذلك قبل أن يتحول الشهر الى السير كسلحفاه شرعت فى سباق على طريق مائه كيلو ، هنا قد أُصبت بالملل ، وقلّ حماسك ، وفتُر نشاطك ، وملّ عقلك ، ورفضك جسدك أن تكون مُدبراً له قاضياً عليهِ . غاب التركيز شيئاً فشيئاً وتأجلت الواجبات بحجه ( لسه بدرى ) ، فتفكر فى العوده لحياه الهلس التى اعتدتُ عليها قبل دخولك لمغاره الثانويه ، وهى حياه تتلخص فى الاستقرار على ما يُطلق عليه " المخروب " ، ونسميه نحن " الكمبيوتر " ،  واذا ذُكر المخروب ذُكرت " ابقى خلّيه ينفعك " ، واذا هجرت المخروب لتستقر على شيئاً آخر ستصاحبك " ابقى قابلنى لو فلحت " ، بالاضافه الى السؤال العائلى المعتاد فى التليفون .. " والمنيّل عامل ايه فى المُذاكره " ، " ولا بيفتح كتاب " ، فتشعر ان شقا الشهور اللى فاتت راح هدر ، طب بسيطه .. الكتاب أهو بيتفتح و فيا موبايل ملعلعه ع التايم لاين .
وهكذا مرّت الشهور المُتبقيه فى النصف الأول من الطريق ، وها أنت قد وصلت الى ( مِطب صناعى ) ، وقتها تستعيد الروح الحماسيه التى بدأت بها الطريق ، وعليك عبور هذا الطريق بنجاحٍ فائق كما يطلبون وبأقل خسائر ممكنه كما تريد أنت ، وقبل الذهاب الى الامتحان تستمع الى بعض النصائح المُبهره بدايهً بـقرايه الفاتحه عند دخول اللجنه الى ركز فى قرايه السؤال كويس الى متسبش السؤال فاضى بالاضافه الى عدم الخروج من اللجنه قبل انتهاء الوقت ، أول أيام الامتحانات تصطحب معك " عدّه الشُغل " كاملهً ( قلم ازرق - قلم رُصاص - مسطره - أستيكه - برايه .. الخ ) ، وذلك قبل أن تصطدم بشئ أشبه بالامتحان وهو دائماً ما يصفونه بأنه " فى مستوى الطالب المتوسط " وهو ليس كذلك ، فتهجُر عدّه الشغب وتكتفى بالقلم الأزرق فقط فى باقى الامتحانات حتى نهايتها .

وهنا يراودك احساس متهم قد حصل على براءته التى يستحقها ولكنه بكُل أسف مطلوب على ذمّه قضيه آخرى بعد شهرين ، ويستمر التحقيق بها على مدار عشره شهور آخرى ، تُقضى أسبوعين حُراً طليقاً قبل ظهور النتيجه ، التى غالباً ما تأتى غير مُرضيه لمنتظريها ، لتعصفك باحباط محكومٌ عليه بمؤبد .
والآن حان وقت الوقوف أعلى زر ( الفلاش باك ) للسنه الأولى ..
فلاش باك لعشره أشهر جُدد من الروتين والملل وشعور بخلل دماغى يعيد أحداث سابقه رأيتها من قبل رغم حداثتها وهكذا حتى نهايتها ، ضغطه آخرى على زر الفلاش باك لأسبوعين ما قبل النتيجه بالاضافه الى وضع بعض احتمالات للمتوقع فعله بعد النتيجه ، مثل التقديم فى كليه الشرطه أو الكليات العسكريه كـ 20 % تقريباً من دُفعه الثانويه .

الآن قد انتهى الطريق وأنت أمام مئات الطرق المُتفرعه  ولديك خاصيه اختيار " كده وكده " ، سيسحبك أحداهما للسير به اجبارياً ،  يختارك طريقك على حسب سخافه ما يُسمى بـ ( التنسيق ) ، فعادهً ما يأتى التنسيق بما لا يشتهى الطُلّاب ، تنسيق يمتاز بعدم التنسيق ليس لاختياره الغير مُرضِ للكليه الغير مطلوبه ، ولكن حمداً لله أن اختيار التنسيق يقتصر على الجامعات المصريه فقط !

الثانويه العامّه هى مرحله عاديه فى حياتنا يعكرها كلام الناس عليها عمّال على بطّال ، واهتمام زائد من وسائل الاعلام وأجهزه الدوله تصيبك بقلق وضغوط نفسيه عاليه ، فى النهايه .. الأغلبيه استسلمت لواقع غير مُرض ليتحكم بهم ، وكما قال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم " لو اطلعتم على الغيب ، لاخترتم الواقع " ، لذلك الحمد لله على الواقِع الذى اخترته .

مقالى " ثانويتنا حماها الله " فى عدد مجله كلمتنا الشهر ده ، وبالتوفيق لكل الطلبه اللى نتيجتها بكره ! :)



عبدالرحمن شاكر

هناك 4 تعليقات: