ONline

السبت، 19 أكتوبر 2013

حكاية مواطن مقهور (4)


لطالما تمنى المواطن أن يستقل طائرته الخاصّه ويذهب بها إلى كل مكان بالعالم ليرى جماله ، ويستقر ويهبط بها على جزيره بعيده عن ازعاج عالمه القريب الذى لا يُفارقه ، هارباً من الإزدحام المصرى الروتينى اللازم تواجده ، واستفاق من أحلامه وهو جالساً فى " المينى باص " المُتجه إلى وسط المدينه لزياره بعض الأصدقاء ، وإذا بالسائق يخاطب الرُكاب ..
- اللى عايز السودان ولبنان يقرب ع الباب
*فهلع بعض الرُكاب على حافه النزول من المركبه قبل أن يرد عليه آخرون طلبوا منه وصفه سريعه للذهاب إلى شوارع ( سوريا - عدن - اليمن - إيران ) المجاوره للمنطقه المُتواجَد بها السياره * .
فبعد أن سمع المواطن أسماء تلك الشوارع ، رجع له الأمل من جديد ، وقد وضع فى مُخيلته أنه يستقل طائرته الخاصه ويمر على تلك البلدان وليس مجرد شوارعها ، وقد عزم النيه على أن يذهب بها إلى دول الجامعه العربيه كلها " من خلال الشارع المُسمى عليها " .
وكان السائق يساير حلمه بسرعته العاليه حتى اعتقد المواطن أن الحلم سيتحول لحقيقه ، فاندمج المواطن مع جنون السائق وقام بإغلاق عينيه ليكتمل الحلم .. 

وكانت استفاقته الأولى من أحلامه الزائفه ممزوجه بشعور انسحاب روحه من جسده .. فقد اضطر سائق الطائره " المينى باص " الهبوط اضطرارياً من أعلى الكوبرى ! 


عبدالرحمن شاكر

الجمعة، 11 أكتوبر 2013

حكاية مواطن مقهور (3)


فى الثامنه من صباح يوم جديد مُفعّم بالتفاؤل ، خرج المواطن من منزله مُتجههاً إلى السجل المدنى الخاص بمنطقته لإسخراج شهاده وفاه لجده مُحضراً معه كل البيانات المطلوبه لإستخراجها من تاريخى ميلاد ووفاة جده ، وإثبات شخصيته التى ستُثبت صله القرابه بينهما ، وإحتراماً لقواعد النظام العامه وقف المواطن فى طابور أوله أمام موظفه السجل المدنى وآخره يبعُد خمسه عشر متراً من بوابه الخروج من السجل المدنى ، وبعد مرور ساعه ونصف تقريباً من وقوف المواطن بالطابور المُشمس وسيره فيه كالسلحفاه وصل إلى أول الطابور وبدأ بمخاطبه الموظفه ..
- عايز أطلع شهاده وفاه لجدى
- اسمه ايه .. * قالتها بطريقه إشمئزازيه من المواطن غير ناظره اليه *
- مروزق حامد ربه
- تاريخ ميلاده
- 1 يناير 1919
- لأ دى مش من السجل ، دى تجيبها من دار المحفوظات فى القلعه .. إللى بعده .
- طب حضرتك .. * فردت مقاطعه *
- ياللا يا أستاذ خلصنا .. قولتلك مش هنا .
فخرج المواطن مُحبطاً حزيناً على ضياع وقت الوقوف فى الطابور ولكنه عزم على التوجه إلى القلعه حيث دار المحفوظات ، وعندما وصل إليها قرر عدم إحترام قواعد النظام قبل أن يتأكد من وجود مُبتغاه بالمكان ، فسار  إلى أول الطابور ووجه كلامه للموظف ..
- لو سمحت كنت عايز * قبل أن يعارضه عشرات المُصطفين ويقاطعه الموظف *
- أقف فى الطابور يا أستاذ بعد إذنك .. متلغبطليش الدنيا
- أنا عايز أسأل على حاجه بس
- الإستعلامات هناك أهى
* فتوجه إلى الإستعلامات مُخاطباً الموظف *
- هو المفروض أطلع شهاده وفاه لجدى منين
- تاريخ ميلاده ايه
- 1 يناير 1919
- دى تطلعها من السجل المدنى
- منا روحت وموظفه السجل قالتلى من دار المحفوظات
- ليه هو جدك مات قبل 1950
- لأ مات 2002
- لأ .. اللى فى دار المحفوظات اللى ماتوا قبل 1950 بس ، إرجع تانى هاتها من السجل المدنى وفهمها إنه مات 2002 مش 1919 عشان ممكن تكون إتلغبطت بس .
- طب أنا ذنب أهلى إيه إن هى غبيه ومش مركزه فى الكلام
- وأنا مالى يا عم ما تروح تسألها هى * فتركه المواطن متجهاً إلى الخارج قبل أن يناديه الموظف مره آخرى * ، بقولك ايه .. لو لقيت عم رمضان الفراش بره وإنت خارج قوله يبعت لى شاى هنا .
فاكتفى المواطن بسبه سراً منعاً للمشاكل ، وقرر العوده مره آخرى إلى السجل المدنى ودخل إلى الموظفه مباشره متلاشياً الطابور ..
- انتى مش قولتيلى شهاده الوفاه من دار المحفوظات
- آه
- أنا روحت وقالى إنها من السجل عادى
- ياعم اللى مات قبل 1950 فى دار المحفوظات
- أنا قولتلك اتولد 1919 مش مات 1919
- لا والله .. يبقى أنا إتلغبطت .. معلش
- معلش ! ، طب إتفضلى طلعيهالى وخدى الورقه اللى فيها البيانات أهى
* عملت سيرش على الكمبيوتر بالبيانات اللى إدهالها المواطن والنتيجه مفيش وجود للبيانات دى *
- البيانات دى مش موجوده على الكمبيوتر
- يعنى إيه .. جدى ده كان فوتوشوب
- روح اسأل فى مصلحه الأحوال المدنيه فى العباسيه
- ودى هلحقها النهارده
- آه يدوبك
فخرج المواطن مره آخرى بإحباط جديد من السجل المدنى فى أمل أن يعثر على ضالته فى هذا اليوم وسرعان ما توجه إلى العباسيه ودخل مباشره مُخاطباً بعض الماره على بوابه الخروج من المصلحه على مكان إيجاد ضالته ، ثم وصل إلى المكان الذى وصفوه له .. وروى روايته إلى الموظف مُتسائلاً ما عليه فعله ، فأجابه الموظف ..
- البيانات لو مش موجوده فى السجل ودار المحفوظات بتجيب إستماره فقد بيانات وتملاها وتقدمها للجهه اللى طالبه البانات دى منك ودى بتحل مكان البيانات المفقوده
- وأجيب استماره فقد البيانات دى منين
- من السجل المدنى التابع ليك
- أقولك على حاجه .. حسبى الله ونعم الوكيل ، أقولك حاجه تانى .. الله يحرقك يا جدى .




عبدالرحمن شاكر



الخميس، 3 أكتوبر 2013

حكاية مواطن مقهور (2)

بعد إنتهاء المواطن من عمله وإنتظاره فى موقف سيارات الأجره بضعه ساعات منتظراً أى سياره قد تأتى وتنقله إلى منزله ، وفى ظل التزايد البشرى قد شاهد سياره قادمه من بعيد وأخذ ينظر حوله ويراقب تحركات من حوله آملاً فى الإلحاق بمقعد خالِ فى السياره ، وبعد إقتراب السياره وهجوم المُنتظرين عليها ناظرين إلى قائدها الذى ينظر إليهم ببروده تامه ويخبرهم " مش هحمّل دلوقتى " ، فيستقبل ما فيه النصيب من السُباب سراً مع قليل من الدعاء ومقدار بسيط من الحسبنه .

وبعد أن أعطاهم جُرعه الذُل من وجهه نظره قرر أن يسمح لهم بالركوب بأجره زائده مع الخضوع له آملين فى الوصول ، وبعدما تحرك فى طريقه بالسرعه الجنونيه وبدأ فى إشعال القِرطاس الصغير الذى لا يُفارقه ، وبدأ فى فتح زُجاجه مكتوب عليها "ID" ، فبدأ فى الشُرب من كليهما ، والسُرعه تزداد ، وكأن ما يشربه يصل إلى مكان تخزين الوقود بالسياره لتُزيد من سُرعتها ، فبدأ المواطن فى الإضطراب وقرر مُخاطبه السائق ..
- ياسطى براحه شويه
- أنا عارف بعمل ايه
- وأما نلبس فى حاجه يعنى هيبقى حلو
- والله أما نلبس فى حاجه ابقى اتكلم !
فقرر المواطن مُخاطبه الشُرطه عبر هاتفه لإيجاد حلاً لهذه المُشكله ، وعندما اتصل فكان الرد عدم المزح معهم ، وأنه إذا كان البلاغ خاطئاً سيتعرض إلى المُسائله القانونيه ، فأكمل المواطن مُكالمته إلى أن وصل إلى أحد رجال الشرطة هاتفياً وبصوت مُنخفض حتى لا يسمعه سائق السياره ، بدأ فى الحديث معه ..
- حضرتك احنا راكبين دلوقتى ميكروباص والسواق ماشى بسرعه جنونيه وبيشرب مُخدرات وازازه كده مكتوب عليها " ID "
- انت بتقول ايه .. الكلام ده بجد
- أيوه يافندم واحنا دلوقتى ع الدائرى .. ممكن حد ينقذ الموقف
- استحاله اللى بتقوله ده ..أنا بدور على الـ "ID بطيخ " من امبارح مش لاقيها

عبدالرحمن شاكر