ONline

الجمعة، 29 نوفمبر 2013

عاداتي وتقاليدي.. اذهبي للجحيم



كم هو ضروري أن نمحو من ذاكرتنا بعض العادات والتقاليد الخاطئة المُتعفنة والراسخة في عُقولنا لدرجة أشبه بالعُرف، فحياتنا اليومية أصبحت عادات وتقاليد مُتكررة أغلبها خاطئة، ولكنه نظرًا لأن (أهالينا علمونا كده) فأصبحت التقاليد من الأشياء المُقدّسة الممنوعة الاقتراب أو تحديثها أو مجرد التفكير فيها والخروج عن المألوف بعض الشىء.

انُظر إلي يومك الروتيني من بدايتهِ وحتى نهايتهِ، ستجدُ أنَكَ تفعل هذا لأن (بابا قالي كده) ولا تفعل ذلك لأن (ماما قالتلي متعملش كده)، وماذا عن عقلِك الآن، فأخبرتني العادات بعض الأشياء العجيبة التى لم ولن يقتنع بها عقلي الكسول الذى أحاول أن أدفعُه إلى العمل دائمًا (عشان ميتربش مـ الركنة).

فبدأت حياتى بولادة لا أعلم مُجمل تفاصيلها وبعدها بأسبوع واحد فقط، بدءوا بنقل العادات المُتعفنة المُتعلقة في أذهانهم إلى عقلي الذى لا يفقه شيئًا مُطلقًا، فكانت أول العادات التي عرفتها منهم قمة في الإزعاج، فرأيت بعض الأقارب يُبعثرون الملح يمينًا ويسارًا وأخرى من هُواة الإزعاج ظلت مُنهمرة في دق الهون في الثانية الواحدة بسرعة كبيرة خوفًا من الحسد، وأنا أخاطب نفسي في صمت "ما هذا العالم الذي قد أتيت إليه"، لأجد الإجابة بعدها (اثبت يا وحش)، وإذا بالمزعجة تهتف مرة أخرى (اسمع كلام أمك، متسمعش كلام أبوك) فترد أخرى (اسمع كلام أبوك، متسمعش كلام أمك) ليرد البعض (سيبك من أمك وأبوك واسمع كلامي أنا)، لأجد الإجابه لهم ممزوجة بالشتيمة (أنا مش ناقص مزاولة يا ولود الـ ...).

 وظللت حيًا بنفس العادات حتى وصلت لعمر العامين، وإذا بعادة جديدة تُخبرنى بأنه لا بد أن أبدأ الأكل بــ "بسم الله الرحمن الرحيم"، وذلك ليس لأنه ديننا يحث على ذلك، ولكنها قيلت مُجرَّد رغبة في (إننا منأكلش الشيطان معانا)، وبدأت أفعل وآكل أيضًا حتى تبقى بعض الطعام، وأنا أخاطب نفسى سرًا "ما كُنت سمّيت وأكلت الشيطان معايا وآخدت ثوابُه بدل ما الأكل ده يترمي".
وتوالت العادات عفِنة تلو الأخرى حتى سن الرابعة لأجد بعض العادات الأغرب، ألا تأخذ الحلوى من الجار أو من أحد الأقارب حتى يصدر الفرمان من الست الوالدة (خلاص خدها يا حبيبى)، وسنة تلو الأخرى والعادات تترعرع في الذهن الذى أصبح شبيهًا بالحاسب الآلى ليس لذكائه بل لأنه اعتاد أن يستقبل العادات وينفذ دون التفكير فيها.

 فوجدت في نفس الفترة عادة جديدة تخبرنى بألا أقوم باللعب في المقص كثيرًا (عشان بيجيب الفقر)، وإذا كان التيار منقطعًا فلا تشعل الشمعة في المرحاض (عشان متتلبسش)، وألا تترك الحذاء وجهه لأعلى (عشان كده حرام).
وبدأت أن أشُم رائحة كريهة تتبادر من الذهن لكثرة العادات به، فما أن وصلت لسن الرابعة عشر لأجد عادات جديدة أخرى.. ألا تناقش شخصًا كبير السن حتى وإن كان لا يفقه شيئًا فيما يتحدث، لأن (أكبر منك بيوم.. يعلم عنك بسنة)، وأنه إذا حاولت التوفير لسبب ما (تبقى بخيل)، وحينما تتلفظ الإنجليزية بطريقة صحيحة فتُصبح (شاب طرى)، وإذا بطائر ما فعل ما نفعله من عمليات إخراجية (يبقى هتتكسى).. ولا أفهم ما علاقة (الـ .ـ... باللبس الجديد).

وإذا بسن المُراهقة لأجد عادات أحدث عَفَانة، لتُخبرنى العادات أن النجاح يتلخص في دخول كُليات القمة فقط (والباقيين فشلة)، مما دَعَا إلى قتل الآلاف من المواهِب الباحِثة عن النجاح دراسيًا من أجل دُخول كُلية القمة، وأن تُعارض الجميع في بعض الأشياء (عشان تبقى محايد)، وعندما تسقط إحدى رموش العين (يبقى فيه حد بيفكر فيك)، فمرت مرحلة تُقدّر بثلاث أرباع العمر تقريبًا، ولكنها مثلت رُبع العادات العفنة فقط، لأن ما تبقى من عادات راسخة (شيلناه لوقت عوزة) وهو سن دخول الجامعة.
فبدأت (الروشنة) ببعض العادات وأن السائق بسُرعة عالية في الطرق (أمه اللى جابتهاله)، وأن أي شخص هوايته الرسم أو الغناء فيصبح (عيل فرفور)، وأن تحاول الفشل في دراستك الجامعية علي قدر الإمكان (عشان متدخلش الجيش)، ودعاء الحاج بارك الله فيه بتمنيه انضمامي للخدمة العسكرية حتى تصبح راجل "على حد قوله".
وعندما تُنهي دراستك وتبدأ في العمل فتجد عادة أحدث في انتظارك.. فإذا كان راتبك قليلًا فلا داعي لإخبار الناس عنه بمبدأ (داري على شمعتك تـقـيد) وإذا كان كثيرًا فلا تخبر به أحدًا أيضًا (عشان الحسد)، ولكننى أرى أنه لا جدوى مِن هذا لأنه بمُجرد أنك تعمل في هذا البلد فهو ما يستحق الحسد.

 وعندما أبدأ التفكير فى الزواج أجد أمي تخاطبنى (إيه رأيك في بنت خالتك، وأهو اللي نعرفه أحسن من اللى منعرفوش)، لتجد أعز أصدقائك يقوم بالرد (يا حبيب مامى)، فتذهب لتكمل النصف الآخر من الدين (باعتبار إن النُص الأول موجود)، وتدخل منزلًا جديدًا لتجد عادات آخرى، أنه يجب على العروس أن تقدم القهوة للضيوف ووجهها ناظرًا للأرض (عشان لازم تتدلق.. ودلق القهوة خير).
 وربما قد يؤجَل لأن (العروسة لسه بتدرس) ،فتجد نفسك ترد بعادة عفنة نتيجه تكاثر العادات اللا إرادي في الذهن (ما هي كده كده الشهادة هتتعلق في المطبخ)، وحتى بعد الزواج تظل العادات مُستمرة وراسخة في الذهن.. فالزوج الذي يستشير زوجته في شىء ما (تبقى مراته اللي ممشياه).

هناك تعليقان (2):

  1. اسلوبك ف الكتابة لذيذ اوى ويجذب .. استمر ربنا يوفقك

    ردحذف
  2. كل سنة وحضرتك طيب وبألف خير وصحة وسعادة ورضا وراحة بال وسلام وإن شاء الله يكون عام جديد سعيد عليك وعلى أسرتك الكريمة وتحقق فيه كل ما تتمنى
    :)

    أطيب تحياتي

    ردحذف